مومسات.. للجنود الدوليين

قد يستهجن البعض ما طالبت به النائبة الهولندية أنيماري جوريسما من إرسال مومسات مع الجنود الهولنديين المنقولين إلى خارج البلاد، بغية (تفريغ طاقاتهم الجنسية) على حد تعبيرها. ولكنهم لو راقبوا الأحداث لوجدوا أن العديد من الجنود يغتصبون فتيات البلدان العاملين بها، من أجل التخلص من تلك الطاقة المزعجة التي كثيراً ما تزج أصحابها بمشاكل ومحاكمات لا حصر لها كما يحدث لبعض الجنود الأميركيين في العراق.
والظاهر أن هذه السياسيّة الهولندية البارزة تعرف جيداً مدى تأثير الغريزة الجنسية على أداء الجنود، وكم سينعمون بالهدوء النفسي، والاسترخاء الجنسي، لو توفرت لهم هذه الخدمة المهمة، التي تتجاهلها معظم الحكومات العالمية حتى لا تثير غضب زوجات الجنود، وتشعرهن بالقلق وعدم الاستقرار العائلي.
لقد طالبت هذه المرأة الجريئة قيادة جيش بلادها بالسماح لمثل هذه الأمور الجنسية بالانتشار في المؤسسة العسكرية، كي يحصل الجنود على حوافز إضافية، قد لا تقل شأناً عن المال والنياشين والرتب والترقيات، إذ لو خيّر الجندي بين رتبة إضافية أو فخذي امرأة، لفضّل الفخذين دون أدنى تفكير، لأن هذا ما يحتاجه في أرض المعركة، بعد الإرهاق والتعرض للموت كل لحظة.
كما أن خدمة المومسات للجنود ستكون مثمرة للغاية، كونها تضاعف من أداء الجنود الميداني، وتساعدهم على حماية أنفسهم وكرامتهم. فالجندي المتقلب عقلياً بسبب تهيجّه الجنسي قد يصبح عرضة للموت أكثر من زميله المسترخي جسدياً. كما أنها تقضي على وحشية تلك الغريزة التي كثيراً ما ترمي صاحبها في براثن الاغتصاب الجنسي.
بعض الجنود الهولنديين أعربوا عن تحفظاتهم حيال هذه المسألة، لا لأنهم يشمئزون منها ويرفضونها، بل خوفاً على حياة المومسات اللواتي سوف يرافقنهم، كونهن لم يخضعن لأية تدريبات عسكرية، قد تحميهن من غدر الأعداء، وترد عن شفاههن الندية كأس الموت الزكام.
نقابة عمالية واحدة رحّبت بالفكرة، وأيدتها مليون بالمئة، وطالبت بتطبيقها حالاً، لما لها من فوائد جمة على عضواتها، خاصة في هذا الزمن الكاسد، الذي حرمهن فيه غلاء المعيشة وارتفاع أسعار البترول من زبائنهن المفضلين، وما على النقابة سوى إيجاد فرص عمل لهن ولو كانت على خط النار. إنها نقابة العاملات في الدعارة والجنس في هولندا.
لقد قيل لي أن المومسات المتعددات الجنسية في وطني، وما أكثرهن، قد انتقلن من الكسليك إلى الجنوب، لأن جنود اليونيفيل بحاجة ماسة الى خدماتهن الجنسية، منذ اليوم الأول لوصولهم إلى لبنان. ولكن من أين سيحصل جنود هولندا على تلك الخدمة الحساسة في مناطق أكثر إحساساً كأفغانستان والبوسنة؟
دعوة النائبة جوريسما يجب أن تلقى القبول في هولندا، وأميركا، وأستراليا، وأوروبا وغيرها، وإلا ردّوا جنودكم عن بنات الناس الطيبين الشرفاء، أو أرجعوهم إلى ديارهم سالمين.
**

قاصرات.. ولكن شريفات

الانحلال الخلقي في الوطن العربي أصبح، وللأسف، جارفاً، فقد لا تمر دقيقة واحدة إلا ونقرأ أو نسمع عن جريمة وقعت بحق قاصر، فتاة كانت أم فتى، وكأن لا شغل لهم سوى الإيقاع بفلذ أكبادنا واستغلالهم جنسياً إلى أبعد حد ممكن.
هناك قصتان مؤلمتان سأخبركما عنهما. الأولى وقعت في لبنان، والثانية في سوريا، والمضحك المبكي في الأمر أن جرائم الشرف باتت توحد بين هاتين الدولتين الشقيقتين بعد أن فرقتهما السياسة.
القصة الأولى تقول: تعاركت فتاة قاصر مع أمها، فاتصلت بصديق تعرفت عليه عبر الانترنت، والتقت به، فاصطحبها الى أحد الشاليهات وراح يتودد لها ويستدرجها لممارسة الجنس معه، ولما لم تتجاوب، راح يضربها ويهددها، ولكنها كانت ترفض بشدة، وكي لا يطلع من المولد بلا حمص، اكتفى بمداعبتها وملامسة جسدها البريء فقط.
ولأن الشر متأصل فيه راح يعرضها على أصدقائه، فكانت ترفض بشدة الانصياع لرغباتهم الجنسية، إلى أن سلّمها الى صديق يسهّل أعمال الدعارة، أي (قوّاد)، ولكن العناية الإلهية أوقعت به، فما أن رآها صديقه حتى تعرّف عليها، كونه يعرف أهلها جيداً، فرفض استلامها واستغلالها جنسياً، واتصل بوالدها ليعلمه بالأمر، وليتم إلقاء القبض على صديق الإنترنت الخائن، وعلى كل من تحرّش بها.
وفي سوريا، خدّر أحد أرباب العمل فتاة قاصرة تعمل عنده في المزرعة، وراح يعتدي عليها كوحش كاسر، وعندما استعادت وعيها، هددها بفضح أمرها إن لم تمارس الدعارة في بعض الملاهي الليلية، وكان يعطيها يومياً لقاء ذلك 250 ليرة سورية، تماماً كما كان يعطيها في المزرعة، ويستولي على باقي أجرها.
ورغم كتمانها الأليم للسر، خوفاً من انتقامه، وهو المعروف والقادر والمتسلط، ثارت عليه، وهربت الى حضن أمها، كونها يتيمة الأب، وأسست لنفسها عملاً شريفاً بالتطريز والحياكة، بعد أن أقسمت على الانتقام منه في يوم ما، ولسان حالها يردد: الله يمهل ولا يهمل.
وبما أن الفتاة اللبنانية وقعت في مصيدة (قواد) لا يرحم، عن طريق الانترنت، وجب على العالم العربي، كي لا أقول لبنان، إيجاد شرطة تراقب الانترنت، كما تفعل معظم دول العالم، وتلقي القبض على مجرميه الكثر، أولئك الذين يستدرجون الأطفال للرذيلة، أو يرسلون جراثيمهم القاتلة لكل من يخالفهم الرأي، أو يشتمون الناس لمجرد التسلية، أو يبذرون العنف الطائفي أو السياسي أو العرقي أو ما شابه في مجتمعاتهم الآمنة.
وشرطة المراقبة هذه، إذا وجدت فعلاً، لن تلغي، أو تقلل من أهمية مراقبة الأهل لاتصالات أبنائهم الالكترونية، ومعرفة كل شاردة وواردة مخافة أن يقعوا في مصيدة مجرم ما.
كما على العالم العربي إنشاء مكاتب حكومية للتوظيف، يلجأ إليها كل عاطل عن العمل، مثلما يحدث في أستراليا والكثير من الدول الراقية، حتى يعود إليها كل من تغبن حقوقه، أو يتعرض لما تعرضت له فتاتنا السورية من تخدير واغتصاب.
الشيء المفرح في القصتين أن الفتاتين القاصرتين رفضتا ممارسة الجنس عن قناعة، أو استسلمتا بعد تهديد وارهاق. فالأولى، رغم خلافها مع أمها، قاومت وحافظت على ما أوصتها أمها بالمحافظة عليه، والثانية خدرت واغتصبت غدراً، ولكنها هربت وقررت الانتقام لشرفها المهدور.
ألا تقولون قولي ان التربية البيتية هي الاساس، وأن الفتاة الطاهرة، ولو وقعت بين مخالب الوحوش البشرية الكاسرة، ستحافظ على طهرها، وستنهض، كطائر الفينيق، من تحت أنفاس مغتصب نذل، لتكمل مسيرتها الشريفة في عالم كل ما فيه مخيف ومدنس وقاتل.
**

فتّش عن المرأة

بين النمسا وجارتها ألمانيا قصّة تاريخيّة حقيقية حدثت أيام المرحوم (هتلر)، تحوّلت فيما بعد إلى فيلم سينمائي أنتجته (هوليوود)، وقامت ببطولته المغنيّة الشهيرة (جولي أندروز)، وكان اسمه (THE SOUND OF THE MUSIC).
وبما أن الفيلـم مشهور للغاية، فسوف لن أخبركم شيئاً عنه، بل سأحكي عن (المرأة) فيه، عن الغيرة القاتلة التي اجتاحت قلبيْ بطلتي الفيلـم الواقعتين بغرام القائد النمساوي الشاب، الذي خلّفت له زوجته المرحومة أيضاً نصف دزينة من الاولاد.
الغيرة، إذن، هي التي أعطت الفيلـم نكهة ولا أجمل.. إمرأتان تتزاحمان على قلب واحد.. الاولاد يحبّون (الراهبة المربية)، والوالد يحب (الكونتيسة الغنية).. ولولا مصداقيّة المؤلف لتلاعب بالقصة، ولجعل إحدى المرأتين تتخلّص من الأخرى بأية طريقة كانت.
عيب أن تقتل إنسانة مشبعة بالحرية والاستقلالية والتفهم منافستها.. هكذا قرّر مؤلف الفيلـم المتحرّر جداً جداً وهكذا صار.. أمّا عندنا في الشرق فالويل لك إذا تحرّكت، أو احتججت، أو طالبت بحقّك في العيش بدون مشاكل عائلية.. فلسوف يلحقك (الشاي المسمم) إلى القبر.. وخير دليل على صحة ما أقول ذلك الموظف المصري المسكين (حمدي) الذي دسّت له زوجته (سنيّة) السـمّ في الشاي، لأنه طرد والدتها من المنزل، بسبب إزعاجها الدائـم له، وحياكة الدسائس والمشاكل بينه وبينها.
(أمّي حَ تبقى يا سي حمدي.. أو حَ تروّح إنتَ).. هذا ما قالته (سنيّة) في سرّها.. ولكن الزوج كان أقوى من سـمّ الزوجة، فلـم (يروّح).. بل أخبر مباحث القاهرة بما فعلت به (سنية) بعد أن تشاجر مع والدتها وقام بطردها.. وكيف قدّمت له طعام الغداء، مرفقاً بفنجان من الشاي.. وكأن شيئاً لـم يكن.. وما أن بدأ بشربه حتى أحس بغرابة طعمه، ولكنه واصل الشرب إلى أن فقد الوعي، ونقل إلى مستشفى ضاحية المطرية.
وبما أننا في القاهرة، أحب أن أخبركم قصّة السيّدة (سيّدة) البالغة من العمر 65 سنة، والتي تقدّمت بدعوى الطلاق من زوجها لأنها تخشى على نفسها من (الفتنة) بسبب جمالها وأناقتها وملاحقة شباب الحارة لها، وإسماعها أجمل عبارات الغزل والتحبّب.
وادعت (سيدة) بأن زوجها التاجر يتركها وحيدة في البيت عدة أسابيع، وخاصة بعد زواج أبنائهما الخمسة.. وهي تخاف على نفسها من الوقوع بالفتنة، أي بالخيانة الزوجية، لذلك طلبت الطلاق من محكمة مصر الجديدة.
وعندنا في سيدني أيضاً، استمعت إحدى المحاكم إلى قضية مؤسفة حقاً، حدثت منذ مدة، مفادها أن رجلاً أردنياً مسيحياً، استأجر أحد رجال التحري الخاصّين من أجل قتل ابنة شقيقه (ربى) لأنها أحبّت رجلاً لبنانياً مسلماً وحملت منه.. وهذا ما سبب العار للعائلة.
التحري الخاص أوقع بالعم المسكين بعد أن سجّل لقاءاته معه على شريط سلّمه للبوليس..
محامي المتّهم نفى التهمة بتاتاً عن موكله، ولكن القاضي رفض إطلاق سراحه بكفالة.. والى جلسة أخرى.
فتّش عن المرأة.. تلك التي تهز السرير بيمناها والعالـم بيسراها.. تلك التي إذا أعددتها أعددت شعباً طيّب الأعراق.. فلو همست كل أم بأذن ولدها أن اللـه محبّة، لا يفرّق بين أبيض وأسود، ولا بين دين وآخر.. لما تمكنّت الطوائف من زرع الشقاق أينما حلّت.. وكأن الحب بحاجة إلى شهادة منها، أو من مستثـمريها، كي يجمع بين قلبين. فلا شيء يرضي اللـه، خالق الناس أجمع، أكثر من التخلي عن الوثنية الطائفية والتحلي بالمحبة.. فمن يفرّق بين الناس لن يدخل الجنّة ولو صلّى وصام أبد الدهر.. فاللـه ليس بحاجة إلى صلاة وصيام إنسان ماكر.. مفتن.. طائفي!!
وفي ألمانيا، ألقت شرطة مدينة (كولون) القبض على امرأة بولندية اسمها (إليسيا) وعمرها 45 سنة، لأنها باعت أكثر من 200 امرأة من أوروبا الشرقية لبيوت الدعارة في برلين وكولون وبعض المدن المصطفة على نهر الراين. واعترفت القوّادة (إليسيا) أنها أهدت الشعب الالماني فتيات جميلات تتراوح أعمارهن بين 18 و20 سنة.. وبدلاً من مكافأتها على (حسن صنيعها) ها هم يحاكمونها. وتناست أنها جمعت من هذه التجارة أربعة ملايين مارك ألماني (أيام المارك) خلال سنتين فقط.. وانها تملك مزرعة وخيولاً في مدينة (غدانسك) البولندية، وبيتين في مدينة (كولون)، و84 قطعة مجوهرات باهظة الثـمن.. ومع ذلك تريد مكافأة على (غانياتها) الجميلات.
مسكينة (إليسيا).. فلو هرّبت هؤلاء الفتيات (اللقطة) إلى إحدى الدول العربية، لأصبحت (وزيرة) بدون أدنى شك.. فلقد دلّت الاحصاءات على أن (حبوب الفياغرا) لـم تلقَ رواجاً في أي من البلدان، أكثر مما لاقته في الدول العربية.
سألني أحد وجهاء الجالية العربية في سيدني، إذا كانت (إليسيا) قد أرسلت إلى أستراليا بعض بناتها الصغيرات، فتطلّع بوجهي وصاح: واللـه العظيم سأخبر زوجتك..
وقبل أن أتصّل بزوجته، رأيته يسرع إلى أقرب محل لبيع الزهور ويرسل لها باقة من الورد الأحمر، مخافة أن تفعل به ما فعلته (سنية) المصريّة بزوجها (حمدي)!!.. حمى الله صديقي.
**

عنوسة.. أم عروسة

العنوسة.. آفة اجتماعية تفتك بمعظم فتياتنا في الشرق، ومحظوظة جداً من تضع الطرحة على رأسها وتسير إلى عش الزوجية وسط زغردات أمها وجدتها، والسبب في ذلك لا يعود إلى بشاعتهن، معاذ الله، ففتياتنا حسناوات لدرجة مذهلة، بل إلى أسباب دينية واجتماعية متخلفة. فالفتاة التي تغرم بشاب من خارج طائفتها ستعدم قبل أن تلبس طرحتها، أما التي تغرم بشاب، طبقته الإجتماعية لا توازي طبقتها، فلسوف ينقعها أهلها في البيت، إلى أن يأتي النصيب الملائم. ثم إن الحرية المعطاة للفتاة الشرقية أشبه ما تكون بالحرية المعطاة للزنوج قبل أن يحررهم إبراهيم لنكولن.
هناك مشكلة، كي لا أقول مأساة، وجب علينا حلّها، مخافة أن يصيب فتياتنا ما أصاب تلك الفتاة القروية المسكينة، التي سمعت أمها تقول لأبيها:
ـ إبنتنا مرّ وقتها، لقد أضحت عانساً..
فخافت كثيراً على مستقبلها، وأخذت تتحسّس بأصابعها بشرة وجهها، جاهدة قدر المستطاع إقناع نفسها أن تلك التجاعيد التي بدأت تظهر بوضوح، ما هي إلاّ طفرات جلديّة سرعان ما تختفي .
ـ يجب أن أتصرّف قبل فوات الأوان ..
تمتمت لنفسها وهي تدق أبواب صديقاتها المتزوجات بيدين نهمتين، علّهن يرشدنها إلى أقرب وأنجح السبل لإيجاد عريس مناسب لها .
قالت الأولى :
ـ هندسي حالك.. إصبغي شعرك.. فرشي أسنانك كل ليلة، والبسي كعباً عالياً !!
ونصحتها الثانية :
ـ إختاري الشاب الذي يعجبك، والحقيه من مكان لآخر، حتّى يقع في غرامك. مسألة سهلة جداً جداً.. أليس كذلك؟
أمّا الثالثة فقالت لها بكثير من الجديّة :
ـ إفعلي مثلما فعلت أنا.. قابلي حكيماً عربياً..
ـ ماذا؟.. حكيماً عربياً؟!
ـ أجل .
ـ هذا الذي يأتي إلى الضّيعة كل مدّة، ويروح يصرخ بصوت عالٍ: معي دواء للسكّري، لوجع البطن، لضغط الدم، للبواسير، للعقم؟
ـ ومعه أيضاً دواء للزواج السّريع .
ـ أين هو.. دلّيني عليه.. أسرعي؟
ـ طوّلي بالك.. غداً سيجيء إلى الضّيعة، وسيرمي بين يديك دزّينة عرسان دفعة واحدة بإذن اللـه .
وانتظرت طويلاً يوم مجيئه، وكانت تركض إلى شرفة منزلها كلّما أحسّت بوقع حوافر بغلة أحد الفلاّحين، ظنّاً منها أن (الحكيم العربي) قد وصل إلى القرية، راكباً بغلته المزينة بالأجراس والشراريب القماشية الملوّنة. وذات يوم سمعته يهمس بأذنها :
ـ كيف بإمكاني أن أساعدك يا بنيّتي؟
ـ أريد وصفة تقرّب العرسان ..
ـ والدراهم؟
ـ عشرة دولارات، لا أملك غيرها ..
ـ زين.. زين.. هاتي كفّك لأقرأ بختك.. يا بنيّتي، أنت مكتوب لك، ويجب فكّ الكتابة حالاً ..
ـ قل لي ماذا أفعل؟
ـ إذهبي إلى المقابر، وبيديك المباخر، واهتفي :
يا أهل المقابر
ما لي عندكم خطيّه
ودّولي عريس
بعدي صبيّه ..
ـ هكذا فقط؟
ـ أجل.. ولكن قبل أن تذهبي أعطيني الدّراهم .
والظاهر أن حظّ (الحكيم العربي) يفلق الصخر، لأنها ما أن عملت بوصفته التافهة هذه، حتى رزقها اللـه عريساً من عمر أبيها.. أودعته المقابر بعد انقضاء شهر عسلهما مباشرة، ولسان حالها يردد :
يا مبصِّر شو هـالقصَّه؟
لازم فيِّي تتوصَّى
اللِّي شحدتو من مقابرنا
رجع علَيها.. صبِّرنا
بواحد تاني يسترنا
ويِقيم عنِّي هـالغصَّه
أتمنى من كل قلبي أن تحظى كل فتاة عربية بفارس أحلامها، وأن تعمل الحكومات والمؤسسات الإجتماعية لحل هذه المشكلة التي تفتك بشبابنا وبناتنا على حد سواء. فقد آن الأوان كي نمحو من الوجود كلمة (عنوسة)، وأن نعلّق على سيارة كل عروسين لوحة كتب عليها: مبروك يا عروسة. والله قادر على كل شيء.
**

غشاء البكارة = الموت

ثاني أكبر قضية تهم، أو بالأحرى، تهز العالم العربي بعد الدين هي غشاء البكارة عند البنت، والويل ثم الويل لمن تخسر بكارتها قبل الزواج، فلا عائلتها ستغفر لها جريمتها، ولا مجتمعها سيقبل بها عضواً محترماً وفعالاً فيه.
والبنت، كالشاب تماماً، تجهل، تحب، تحلم، وتثور غريزتها الجنسية إثر كل ملامسة وتغزّل وقبلة، ومع ذلك لا يحق لها ما يحق للشاب، فهو إذا خسر بكارته، أثناء ممارسته العادة السرية، أو مضاجعة إحدى النساء، صار رجلاً، وإذا أوقع امرأة بحبائله الغرامية أصبح زير نساء، وإذا فض بكارة أنثى أحبته ووثقت به، زغردت له نساء الحي، وأغدق عليه الرجال لقب بطل.. بينما جزاء من غرر بها الرجم والموت المؤكد.
تنمو الفتاة العربية وينمو معها هم غشاء بكارتها، فإذا لمست فخذيها صاحت أمها مؤنبة، وإذا ركضت أو قفزت أو وقعت أرضاً تفحّصوا ثيابها الداخلية بتأن بالغ كي لا يكون دم البكارة قد تفجّر وفجّر مستقبل فتاتهم البريئة الطاهرة، وإذا مارست العادة السرية، لتتخلّص من إفرازات الجسد، ولتسد احتياجاته الجنسية، اتصلت بدكتور إيلاف لتستوضحه الأمر، ولتسأله عن مكان غشاء البكارة: أهو في أول المهبل، أم في منتصفه، أم في آخره؟ خوفاً من أن تخدشه. جهل ما بعده جهل، يجب إنقاذ أجيالنا الصاعدة منه.
في أوطاننا العربية، وفي زمن الصعود إلى الفضاء، ما زالت المؤسسات النسائية تجهد من أجل تغيير القوانين البدائية الجاهلة، التي تسمح لأفراد عائلة الفتاة (المذنبة) بغسل عارها عن طريق الفتك بها دون رحمة، أو دون أن يحاسبهم القانون على بربريتهم تلك. وكم من الجرائم وقعت باسم الذود عن شرف العائلة ومحو عارها وكأن شيئاً لم يكن. ونحن لو فكّرنا قليلاً لوجدنا أن الغرب قد مرّ بتلك المراحل المعتمة التي نمر بها، ومن ثم تخلى عنها تدريجياًً، بعد أن أعطى الفتاة حرية مطلقة، فأصبح جسدها ملكها، متى تخطت السن القانونية، بعد أن كان ملك عائلتها، تفعل به ما تشاء، وتهبه لمن تشاء، دون خوف أو رهبة.
ومن جرائم الشرف التي هزّت العاصمة اللبنانية مؤخراً، قصّة ذلك الشقيق الذي همسوا بأذنه أن خطيب أخته قد فض بكارتها، فجن جنونه، وقصدها إلى مكان عملها في أحد المستشفيات، وما أن رآها حتى انهال عليها طعناً بسكين يحملها، فوقعت المسكينة مضرجة بدمائها، ولم يكتف بذلك بل ذبحها من الوريد إلى الوريد كي يشفي غليله، وكي لا يتمكن أحد من إنقاذ حياتها.
إنه جنون الشرف، وإن كان بلا شرف، فبمجرد إشاعة بسيطة، قد تكون كاذبة، من أناس نمامين، تخسر الفتاة العربية حياتها، ولنفترض جدلاً أن خطيبها قد فض بكارتها، أما كان من المستحسن أن تجتمع به العائلة وتجبره على الزواج منهاً، بدلاً من ذبحها كالشاة، وتعريض الأخ الثائر لشتى أنواع الأحكام القضائية التي سيكون أولها الإعدام.
لقد عرض التلفزيون الأسترالي، منذ أسابيع، برنامجاً حياً اسمه (الأخ الأكبر)، صور داخل منزل يخضع سكانه لأعين الكاميرات والمشاهدين مدة 24 ساعة، حتى أثناء التبوّل والبراز، وكان الرجال والنساء يستحمون عراة أمام بعضهم البعض دون أن تثور غرائزهم، أو أن تتحرك شهواتهم الحيوانية، فتأفف المخرج من ذلك، وأمر أحدهم، لقاء هبات عديدة، تقبيل إحدى فتيات المنزل، حتى لا يقال: اجتمع 16 رجل وامرأة تحت سقف واحد مدة ثلاثة أشهر، وهم عراة في معظم الأحيان، دون أن يقع الغرام بين قلبين، أو أن تفقع قبلة واحدة، رغم وجود إحدى بائعات الهوى الجميلات بينهم، وهذا عار ومستهجن بنظر المخرج المتحرر.
من هنا نلمس مدى الوعي الجنسي عند الغربيين، وقدرتهم على السيطرة على شهواتهم وغرائزهم، فالأجساد البشرية العارية متشابهة بنظرهم، أي أنها لا تثيرهم على الإطلاق، ما لم يقع الغرام بين قلبين، وتتفاعل العواطف.
أنا، بطبعي، ما زلت محافظاً، أرفض إباحية الغرب المطلقة، ولكنني بنفس الوقت أرفض قسوة الشرق الظالمة على الفتاة، وكأنها لا شيء، جسم بدون إحساس، أو قلب لا ينبض بالحب. فقليل من الحرية قد ينعش قلبها، ويجعلها تميّز بين الخير والشر، خاصة إذا زودناها بدراسة جنسية قبل البلوغ، تماماً كما تفعل المدارس الأسترالية مع طلاب وطالبات الصفوف السادسة الابتدائية. إنها تلقحهم بثقافة جنسية واعية ومتفهمة قبل دخولهم سن المراهقة، حيث الجنون والطيش وارتكاب الحماقات المختلفة.
سيظل شرقنا العربي التعيس خاضعاً لهاجسين: الدين وغشاء البكارة.. وسيظل يمارس الحب والرذيلة والعادة السرية بتكتم شديد، حتى لا يفتضح أمره، وتعتقله شرطة الأخلاق، أو تذبحه سكين أخٍ ثائر، كما حدث ويحدث دائماً.
**

الزواج.. ضحية هذا العام

ما أن تشب الفتاة حتى تدغدغ أحلام الزواج لياليها، وتبدأ برسم معالم وجه الزوج العتيد، إنها تريده فارساً مغواراً كأنطوني بانديرس في فيلم (زورو)، يركب حصاناً أبيض يسابق الريح، ما هم إذا كان طفراناً، شرط أن يكون وسيماً، يعلو رأسه الكبير جسماً قوياً معضّلاً.. وتظل المسكينة تحلم وتحلم إلى أن يفوتها القطار، وتنتهي زوجة ثالثة أو رابعة لأحد الأزواج المكرشين.
وما أن يحلق الشاب ذقنه حتى تبدأ أمه بالتفتيش عن عروس تناسب طلته البهية، والقرد، كما يقول المثل، بعين أمه غزال، لينجب منها نسله الشريف المقدس. ما هم إذا رآها أم لم تره، أو إذا أحبها أم لم تحبه، المهم أن يتكاسر منها نسله، أي أن تكون مثمرة، حسب تطلعاتنا الشرقية، وإلا رمت، أي الأم، عليها يمين الطلاق، والويل لمن يقف بوجهها، نسل ابنها يأتي في المقدمة، وكل ما عداه باطل.
ولأننا ننطلق، دائماً وأبداً، من منطلق الزواج من أجل الزواج والإنجاب فقط، بتنا نقرأ من القصص الحقيقية عن الزواج ما يضحك، اخترت منها أربع قصص كي لا أضجركم: مثلاً إمرأة مصرية تتحدى الشرع، وبدلاً من أن يتزوج عليها زوجها، كما درجت العادة، تزوجت هي عليه سبع مرات، والقصة تقول:
أربعينية مصرية، هوايتها المفضلة الزواج من شبان أصغر منها، فاختارت منهم سبعة لا غير، وكانت إثر كل زواج تدعي أنها بكر، لم يمسها إنسان، كما أنها تعود في ليلة دخلتها امرأة عشرينية، لم يقبل فمها غير أمها، ولو لم يكتشف الموظف في مصلحة الأحوال المدنية المصرية تزوير تلك السيدة واحتيالها على القانون، لما شك زوج واحد من أزواجها السبعة المغفلين أنهم ضحايا امرأة تهوى الزواج، والتلاعب ببكارتها وعمرها، كما تهوى بيع الملابس في محلها الواقع في منطقة مدينة نصر ـ شرق القاهرة.
وفي مصر أيضاً، شربت سجينة في سجن قنا العمومي قنينة من السم الزعاف، أوصلتها إلى خالقها، وذلك حزناً على زوجها الذي قتلته دون شفقة. والظاهر أن موت زوجها قد جمّله بعينيها، فاشتاقت إليه كثيراً، ولأنه لم يجبها على رسائلها الغرامية المتكررة، التي أرسلتها من قلبها المسجون إلى قلبه السابح في عالم الخلود، قررت اللحاق به بسرعة فائقة، لا لتعاتبه على إهمال رسائلها، بل لتطلب منه الغفران على ما فعلته يوم دست له صبغة شعرها في مشروب العرقسوس المفضل عنده، وأودعته النعش.
ولكي لا ينتهي هذا العام بدون ذبيحة تقدم له، أقدمت إحدى الزوجات الفاضلات التقيات، كما كان ينظر إليها في الحي، على ذبح زوجها من الوريد إلى الوريد، بعد 15 عاماً من الزواج السعيد، وإنجاب ثلاث بنات يقلن للقمر إنزل لنجلس مكانك. صحيح أنها خافت ربها عندما نفرت الدماء من رقبته، وراحت تستغيث بالجيران لإنقاذ رفيق حياتها، إلا أن القدر كان أقوى منها ومن جيرانها، فانتهى فارس أحلامها في القبر، وانتهت هي في السجن المؤبد.
ولكي تتخلص المجتمعات الحديثة من مسألة المهر، الذي يقض مضاجع العرسان في كل مكان، أقدم عريس ماليزي على تقديم مهر لعائلة زوجته بأوراق نقدية مزيفة. إنه يحب الفتاة ويريد الزواج منها، ولكنه لا يملك المال، فماذا يفعل؟
ادعى روميو زمانه أنه يعمل مستشاراً، لأن الفتاة إبنة سياسي بارز في ولاية كيلانتان، وقد لا تقبل به إذا علمت أنه من عامة الشعب. والمستشار في أسوأ الأحوال يملك المال، وإن كان مزيفاً، لذلك رمى بين أيدي عائلة زوجته مهراً قدره 8 آلاف رينجت، 2100 دولار، وعندما انتهى العرس وبدأوا بعد الأوراق النقدية، صبغت الألوان أصابعهم، فاتصلوا بالشرطة، التي اعتقلت العريس الغشاش، وتركت عروسه في بيت الزوجية تندب حظها العاثر، وتلعن مهرها المزيف.
الزواج.. كان ضحية عام 2005، وبما أن العام الجديد سيطل علينا بعد أيام، أتمنى لكم حياة زوجية سعيدة، لا يشوبها غش، ولا تعكّر صفاءها صبغة شعر ولا أموال مزيفة. وكل عام وأنتم بخير.
**