زوجتي أختي.. ماذا أفعل؟

      هكذا صاح أخونا الكمبودي (تيب سونج)، عندما علم بطريق الصدفة أن زوجته، أم أطفاله الأربعة، هي أخته، من أبيه وأمه، ذكريات طفولتهما متشابهة، وأمهما ما زالت حية ترزق، لتشهد على بنوتهما، وأمومتهما، وتعاستهما بعد أن اكتشفا ما لم يفكّرا به على الإطلاق، أن يكونا أخوينا وزوجين في آن واحد. فتصوروا!
وأعتقد أن تيب يردد، وهو يتقلب على فراش أرقه كل ليلة: لعن الله السياسة، والحروب، والخمير الحمر الذين فرّقوا بينه وبين أخته الزوجة، عندما كان عمره ثماني سنوات، وعمرها خمس سنوات، ولم يلتقيا بعدها إلا عندما مرض (تيب) وأدخل أحد مستشفيات مقاطعة (تاكيو)، فسهرت على تمريضه أخته (تاي)، دون أن يعلم من هي، ولأن الدم لا يصبح ماءً، وعاطفته لا تموت، فلقد أحب (تيب) أخته (تاي) حباً جارفاً، وتزوجها بسرعة بساط الريح، الذي يتغنى به مطربنا الخالد فريد الأطرش.
ولأن القدر لا يترك أحداً خالي البال، فلقد رمى شباكه على الزوجين الحبيبين، وراح يجمّل لهما حب الإستطلاع والتفتيش عن جذور عائلتهما، خاصة وأنهما كانا يعتقدان أنهما مقطوعان من شجرة الموت، وأن نظام الخمير الحمر قد قضى على أصلهما وفصلهما وكل ما يمت لهما بصلة. فشدا أحزمتهما وزارا مسقط رأسهما، ليجدا أن أمهما العجوز ما زالت على قيد الحياة، وأنهما أخوان، جريمة زواجهما تقع على عاتق نظام سياسي مجرم، وما أكثر الأنظمة السياسية المجرمة التي تشتت أبناء العائلة الواحدة، وتقطع جميع الخيوط التي من الممكن أن تجمهم بعد فراق وتشرد.
ماذا سيفعل (تيب وتاي)، وقد رزقهما الله، الشاهد الوحيد على أخوتهما، وحبهما، وزواجهما، بأربعة أبناء تترواح أعمارهم بين الرابعة عشر عاماً والرابعة عشر شهراً؟ هل ستعتبر القوانين المدنية والأديان السماوية زواجهما خطيئة مميتة وجريمة إجتماعية لا تغتفر؟ وهل ستطالب بالتفريق بينهما، وحرمانهما من أطفالهما الأربعة؟ أم ستطالبهما بعدم ممارسة الجنس والإنجاب كونهما أخوين؟
علمونا في الصغر، أن جدنا آدم وجدتنا حواء، قد أنجبا ولدين: قايين وهابيل، ولسبب تافه، كالأسباب التي يدعيها القتلة في كل زمان ومكان، أقدم قايين على قتل أخيه هابيل، ومع ذلك كثرت البشرية، وأصبح تعدادها أكثر من حبات الرمل، فكيف حصل ذلك؟ هل تزوج قايين جارته الحسناء، ولم يكن في الوجود غير أبيه وأمه وعائلتهما، أم تزوج أخته، لتسعد البشرية بنسلهما الجحود جداً جداً؟
هناك الكثير الكثير من الأشخاص المعقدين الذين يمارسون الجنس مع أخواتهم، وأمهاتهم، وبناتهم، بالسر والعلن، دون أن يرف لهم جفن، أو أن يردعهم ضمير، أو، وهذا أضعف احتمال، أن يعتريهم خجل. فلماذا لا تحل قضية (تيب وتاي) كما حلت قضية أخينا قايين وأخته المجهولة باقي الهوية؟ فإذا كان الله قد سمح لقايين بالزواج من أخته تلك، دون خمير حمر ولا حمير زرق، فلماذا لا يسمح لتيب وتاي بالعيش معاً كأخوين وزوجين ووالدين كرمى لأعين أطفالهما الصغار، وقد ذاقا مرارة الإضطهاد والإنفصال والتشتت؟
إذا كان لديكم حل لقضية (تيب وتاي)، أرجو تسجيله، لنطلعهما عليه، عله يجلب لهما المن والسلوى بعد مفاجأة تعيسة لم تخطر ببالهما، ولا ببال جميع مخرجي الأفلام الهندية.. والعربية طبعاً.
**